السؤال: كيف كان أهل السُّنَّة وسطًا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج؟
الجواب:
الرافضة والخوارج
في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في طرفي نقيض، فالرافضة غلوا في
علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأهل البيت، وكفَّروا جميع الصحابة ومن
والاهم وفسَّقوهم، يكفرون من قاتل عليًّا رضي الله عنه، ويقولون: إن عليًّا
رضي الله عنه إمام معصوم، ويقولون: لا ولاء إلا ببراء، أي: لا يتولى أحد
عليًّا حتى يتبرأ من أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
والرفض هو الترك،
سموا بذلك لأنهم قالوا لزيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:
تَبَرَّأْ من الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال: معاذ الله وزيرا
جدي، فتركوه ورفضوه فسُموا رافضة، والرافضة فرقٌ شتى، وقد وفق الله تعالى
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لكشف فرقهم وبيان مذهبهم، وإزهاق شبههم
وأباطيلهم في كتابه المسمى "منهاج السنة" فجزاه الله عنا وعن الإسلام
والمسلمين خيرًا، قال الشيخ: "أول من ابتدع الرفض عبد الله بن سبأ وكان
منافقًا زنديقًا، أراد إفساد دين الإسلام، كما فعل بولس صاحب الرسائل التي
بأيدي النصارى؛ حيث ابتدع لهم بدعًا أفسد بها دينهم - وكان يهوديًا فأظهر
النصرانية نفاقًا لقصد إفساد ملتهم - وكذلك كان ابن سبأ يهوديًا فأظهر
الإسلام والتنسك ليتمكن بذلك من أغراضه الفاسدة فسعى في فتنة عثمان وقتله،
ثم لما قدم الكوفة أظهر الغلو في علي بن أبي طالب فبلغ ذلك عليًّا، فطلبه
ليقتله فهرب إلى قرقيسا.
والرافضة ثلاثة أقسام:
قسم غُلاة، غلوا
في علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى زعموا أنه إله، وذلك أنه خرج ذات يوم
فسجدوا له فقال لهم: ما هذا؟! فقالوا: أنت هو. قال: من أنا. قالوا: أنت
الله الذي لا إله إلا هو، فقال: ويحكم هذا كفر، ارجعوا عنه وإلا ضربت
أعناقكم، فصنعوا به في اليوم الثاني والثالث، وأخَّرَهم ثلاثة أيام؛ لأن
المرتد يستتاب ثلاثة أيام، فلما لم يرجعوا أمر بأخاديد من نار فخُدَّت عند
باب كندة وقذفهم في تلك النار.
وقتل هؤلاء واجب بالاتفاق، لكن في جواز تحريقهم نزاع.
القسم الثاني:
مُفَضِّلة، يفضلون عليًّا على أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة، فقال علي
رضي الله عنه فيهم: لا أوتي بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا ضربته حد
المفتري.
القسم الثالث: سَبَّابَة، يسبون أبا بكر وعمر وغيرهما من الصحابة فبلغ ذلك عليًّا عن ابن السوداء فطلبه ليقتله فهرب منه إلى قرقيسا.
أما الخوارج:
فسموا بذلك لخروجهم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومفارقتهم له، وقد
ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تمرق مارقة عن فرقةٍ من المسلمين يقتلها أَوْلَى الطائفتين بالحق».
فخرجوا في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقتلهم علي وطائفته.
وقال صلى الله عليه وسلم في حقهم: «يحقر
أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرأون
القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية،
أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا عند الله لمن قتلهم يوم
القيامة».
فالخوارج: أول من
كَفَّرَ المسلمين بالذنوب، ويكفرون عليًّا وعثمان ومن والاهما، ويكفرون من
خالفهم في بدعتهم، ويستحلون دمه وماله، وأول بدعة حدثت في الإسلام بدعة
الخوارج والشيعة، حدثتا في أثناء خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي
الله عنه فعاقب الطائفتين. أما الخوارج فقاتلوه فقتلهم، وأما الشيعة فحرق
غلاتهم بالنار.. كما تقدم ذكره.
وخلاصة ذلك:
أن أهل السنة
والجماعة وسطٌ في ذلك، لم يغلوا غلو الرافضة ولم يجفوا كالخوارج، بل والوا
جميع الصحابة وأحبوهم وعرفوا فضلهم وأنزلوهم منازلهم التي يستحقونها، فلم
يغمطوهم حقهم، ولم يغلوا فيهم واعتقدوا أنهم أفضل هذه الأمة علمًا وعملاً.
فهم كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: يتبرؤون من طريقة الروافض الذين
يبغضون الصحابة ويسبونهم، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو
عمل، ويمسكون عما شجر بين الصحابة رضي الله عنه أجمعين.
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).