قول الاثنا عشرية بأن تراب قبر الحسين شفاء من كل داء
تقول
الشيعة - مخالفة بذلك النقل والعقل، والطب والحكمة بأن تربة الحسين هي
الكفيلة لشفاء الأدواء والأسقام بشتى أنواعها وأشكالها، وكأنهم بهذا
اعتقدوا فيما لا ينفع بالحس والمشاهدة، وبالطبع والعقل، اعتقدوا فيه النفع،
وزعموا أن الشفاء يتحقق من تراب قبر لا من رب الأرباب، مخالفين بذلك قول
الله: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ} [يونس: 107]، وقوله: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62]، وقوله: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80].
فهم باعتقادهم بهذا التراب الدواء والشفاء قد شابهوا المشركين في اعتقادهم بأحجارهم النفع والضر.
ولقد
ذكر صاحب البحار ما يصل إلى ثلاث وثمانين رواية عن تربة الحسين وفضلها
وآدابها وأحكامها (1) ، فجعلت هذه الرّوايات من هذه التّربة البلسم
الشّافي من كلّ داء (2) ، والحصن الحصين من كلّ خوف (3) ، يشرب منها
المريض فيتحوّل إلى صحيح، كأن لم يكن به بأس (4) ، ويحنّك بها الطّفل
فتكون مأمنه من الأخطار (5) ، وتوضع مع الميّت في قبره لتقيه من العذاب،
ويمسك بها الرّجل يعبث بها ساهيًا يقلّبها فيكتب له أجر المسبّحين، لأنّها
تسبّح بيد الرّجل من غير أن يسبّح (6) .
إنّ
الله جعل تربة جدّي الحسين رضي الله عنه شفاء من كلّ داء، وأمانًا من كلّ
خوف، فإذا تناولها أحدكم فليقبّلها ويعضها على عينه وليمرّها على سائر
جسده وليقل: (اللهمّ بحقّ هذه التّربة وبحقّ من حلّ بها وثوى فيها.. إلخ)
(7) .
وما
أن يحس الشيعي بألم المرض وشدته حتى يتجه إلى طينة الضريح وعليه أن يختار
الوقت المناسب، فيتجه إليه - كما تقول أخبارهم - في جنح الليل البهيم وليكن
في آخره، ويغتسل ويلبس أطهر ثيابه، وإذا وصل فليقف عند الرأس ويصلي، وإذا
فرغ من صلاته سجد سجدة طويلة يكرر فيها كلمة واحدة ألف مرة، هذه الكلمة هي
(شكرًا)، ثم يقوم ويتعلق بالضريح ويقول: (يا مولاي يا ابن رسول الله إني
آخذ من تربتك بإذنك اللهم فاجعلها شفاء من كل داء، وعزًا من كل ذل، وأمنًا
من كل خوف، وغنىً من كل فقر..) (8) .
ثم
بعد ذلك يأخذ من الطينة (بثلاث أصابع ثلاث قبضات) وتوصيه الرواية بأن يجعل
ذلك في خرقة نظيفة ويختمها بخاتم فصه عقيق.. ثم يستعمل منها وقت الحاجة
مثل الحمصة فإنه يشفي (9) .
وتزيد
رواية أخرى بأن عليه أن يتباكى ويقول: (بسم الله وبالله وبحق هذه التربة
المباركة، وبحق الوصي الذي تواريه وبحق جده وأبيه، وأمه وأخيه، وبحق أولاده
الصادقين، وبحق الملائكة المقيمين عند قبره ينتظرون نصرته، صلّ عليهم
أجمعين، واجعل لي ولأهلي وولدي وإخوتي وأخواتي فيه الشفاء من كل داء..)
(10) .
وتتحدث
بعض الروايات عن طرق أخرى للاستشفاء بها فتقول: قال أبو عبد الله: إن الله
جعل تربة جدي الحسين رضي الله عنه شفاء من كل داء، وأمانًا من كل خوف،
فإذا تناولها أحدكم فليقبلها ويضعها على عينه وليمرها على سائر جسده وليقل:
(اللهم بحق هذه التربة وبحق من حل بها وثوى فيها.. إلخ) (11) .
وتذكر
رواية أخرى طريقة تناولها ببيان المقدار والصفة، حيث قال جعفرهم - حينما
سئل عن كيفية تناولها -: (إذا تناول التّربة أحدكم فليأخذ بأطراف أصابعه
وقدره مثل الحمّصة فليقبّلها وليضعها على عينه..) (12) . فهذا هو المستشفى
المتنقل مع كل شيعي.
ويبدو
أن هذه الطينة زادت مرضهم مرضًا، ومن تعلق بشيء وكل إليه، ولهذا شكا بعض
الشيعة لإمامه ما يجده من ضعف القدرة، فعزاه إمامه بقوله: (كذلك جعل الله
أولياءنا وأهل مودتنا وجعل البلاء إليهم سريعًا) (13) .
هذا
وكما أن الشيعي يتجه حين نزول المرض به إلى صنمه والذي يسميه (بالطينة)،
فإنه أيضًا يلجأ إلى هذا الصنم وقت الخوف ومداهمة العدو، فيصطحبه معه في
ظروف الخوف. يقول إمامهم: (إذا خفت سلطانًا أو غير سلطان فلا تخرجنّ من
منزلك إلا ومعك من طين قبر الحسين) (14) وأمره أن يقول: (اللهمّ إنّي
أخذته من قبر وليّك وابن وليّك، فاجعله لي أمنًا وحرزًا لِمَا أخاف وما لا
أخاف) (15) .
ولا ينسى راوي هذه الأسطورة أن يذكر طائفته بأنه فعل ذلك فكانت له الأمان من كل ما خاف وما لم يخف ولم ير مكروهًا (16).
وهذه
الطينة هي أمل الحور العين، ولذلك فالحور كما تقول أساطيرهم يطلبن من
الملائكة حينما يهبطون إلى الأرض أن تكون هداياهن من طين قبر الحسين (17) .
كما تصف رواياتهم السّجود على هذه الطّينة بأنّها (تخرق الحُجُب السّبع) (18) .
هذا
جزء من دعاواهم حول طينة الحسين، وكأنهم في اعتقادهم بهذه الطينة فعلوا
أكثر من المشركين الذين قالوا في أصنامهم بأنها تقربهم إلى الله زلفى، فقد
جعلوا لهذه الطينة خواص لا يقدر عليها إلا رب العزة جل علاه، اتخذوها ربًا
وإلهًا مع الله سبحانه.
ودعوى الاستشفاء بهذه الطينة منكر من القول وزور، وهي من دين الشيعة لا من دين الإسلام:{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]، وليس لها ذكر في كتاب ربنا ولا سنة نبينا، والله سبحانه بيّن في كتابه أن القرآن العظيم شفاء لعباده المؤمنين: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء} [فصلت: 44].: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82].
وسنة
المصطفى صلى الله عليه وسلم بينت أن الأدعية والأوراد التي فيها اللجوء
إلى الله وحده لا إلى تراب ولا صنم، بل ولا ملك مقرب ولا نبي مرسل وإنما
إلى الله وحده، ويتحقق بسببها - بإذنه تعالى- الحفظ للمسلم والأمان (19).
كما أن المسلم مأمور بالأخذ بالأسباب الطبيعية للشفاء..
أما أكل التراب فهو بدعة كبرى، وأضحوكة ليس لها مثيل إلا في دين هؤلاء القوم. (20).
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).