الشبهة: يتداول الرافضة فيما بينهم الكلام على أن الشيخين لم يصليا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب :
من وجوه :
1- قائل هذا الكلام جاهل بأحكام الشريعة فضلا عن التاريخ والسير ، لأنه
يجهل أن رسول الله صلى الله لم تخرج جنازته إلى المسجد ولا إلى المصليات
التي كانت تصلى الجنازة فيها، لأن الأنبياء يدفنون حيث يقبضون . فلم يصل
عليه في المسجد للأدلة الشرعية القادمة كما أن التاريخ شهد بذلك .
2- راوي هذا الحديث (سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما نسيته ،
قال : "ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه" ، ادفنوه في
موضع فراشه). أخرجه الترمذي وصححه الالباني . وفي رواية ابن ماجه «ما قبض
نبي إلا دفن حيث يقبض».
راوي هذا الحديث هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وهو القائل أيضا (ادفنوه
في موضع فراشه) ، فهل يقال لهذا القائل : إنك لم تشهد الوفاة ولم تصل
عليها !! .
بل يكفي الصديق فخرا أنه روى هذا الحديث الذي انفرد به دون غيره من الصحابة
مع أهميته ، ثم أذعن لحكمه كل الصحابة دون تردد أو نقاش .
3- ولننظر الآن من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم :
روى أبو يعلى في مسنده (22، 1/31) والآجري وغيره ، عن أبي بكر : («ما قبض
نبي إلا دفن حيث قبض». فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي
فيه، فحفر له تحته، ثم دعي الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون
عليه أرسالا: الرجال، حتى إذا فرغ منهم، أدخل النساء، حتى إذا فرغ من
النساء أدخل الصبيان، ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أحد).
فهل يمكن أن يصلي عليه (صلى الله عليه وسلم) الرجال والنساء والصبيان ويتخلف الشيخان رضي الله عنهما عن الصلاة عليه ، أويمكن ذلك ؟
4- ذكر أهل العلم أكثر من سبب لعدم الصلاة عليه (صلى الله عليه وسلم) جماعة .
أما لعدم خروج جنازته إلى المصلى فقد عرفنا النص الشرعي في ذلك .
وأما لعدم صلاة الجماعة عليه –بأبي هو وأمي- حيث هو في فراشه ، فقد ذكروا أكثر من سبب ، أصحها والله أعلم ما يلي :
[ تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم واحترامه ، والهيبة أن يتقدم أحد بين
يديه يؤم الناس في الصلاة عليه ، فقد كان عليه الصلاة والسلام إمام الناس
وقائدهم وهاديهم ، فلم يجرؤ أحد أن يقف موقفه وأن ينصب نفسه مكانه بعد
وفاته وبغير إذنه عليه الصلاة والسلام .
يقول الإمام البهوتي الحنبلي رحمه الله :
" تسن الصلاة عليه – يعني على الميت - جماعة لفعله صلى الله عليه وسلم
وأصحابه ، واستمر الناس عليه ، إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم
يصلوا عليه بإمام احتراما له " انتهى. " شرح منتهى الإرادات " (1/357).
وهو الذي اختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" والنبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه الصحابة فرادى ؛ لأنهم كرهوا أن
يتخذوا إماماً بين يدي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فصاروا يأتون
يصلون عليه أفراداً الرجال ثم النساء " (الشرح الكافي). ] (الإسلام سؤال
وجواب / رقم 154278).
وكما ترى فقد وقع إجماع الصحابة على خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم من
حيث مكان دفنه (إضافة إلى النص الصحيح) ، وفي صفة الصلاة عليه .
وأضاف الإمام الباجي رحمه الله سببا وجيها آخر فقال : (ويحتمل أن يكون ذلك
لئلا يفوز بالإمامة والخلافة من صلى عليه من غير اتفاق من المسلمين ولم يكن
تقرر بعد أن الخلافة لا تكون في غير قريش ، ولذلك ادعاها الأنصار، وقالوا
منا أمير ومنكم أمير) .
المنتقى شرح الموطأ للباجي (2/21).
5 – هل الجماعة شرط في صحة الصلاة على الميت ؟
جاء في "الموسوعة الفقيهة" (16/18) : "....ونص الحنفية والشافعية والحنابلة
على أن الجماعة ليست شرطاً لصحة الصلاة على الجنازة وإنما هي سنة..." .
واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قول الجمهور ، فقال في "الشرح الكافي" : وليس من شرطها الجماعة ، فلو صلوا عليها فرادى صح " .
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).