0
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
ففي سلسلة مخطط التشويه الذي تمارسه القنوات الإعلامية الرافضية وأذنابها في هذه الأيام، ترديدهم لتهمة التكفير، وتعريضهم المستمر بالتكفيريين، ورميهم أهل السنة والجماعة بها.
والذي يعرف حقيقة الأمر يدرك أن فعلهم هذا هو من باب: "رمتني بدائها وانسلت"؛ لأن الحقيقة غير ذلك، كما لا يخفى على من لديه أدنى معرفة بمنهجية أهل السنة والجماعة، ومنهجية المخالفين لهم من الروافض.
فأحببت أن أعقد مقارنة مختصرة بين منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الرافضة في مسألة التكفير اختصرتها من بعض الكتب والمراجع، فألفت بينها وزدت عليها، على أمل تسهيل قراءتها على من لا يجدون الوقت الكافي للمطالعة في المطولات. مع التنبيه إلى أنني لن أختم مقالي هذا بجواب عن السؤال عنوان المقال، إنما سأترك الحكم الأخير للقارئ الكريم ليجيب عنه بنفسه، وأذكّر بالسؤال قبل البدء بالمقارنة: من هم التكفيريون .. أهم أهل السنة والجماعة أم الرافضة؟
والآن نبقى مع المقارنة.
أهل السنة يكفرون لكنهم لا يكفّرون إلا من كفَّره اللَّه ورسوله، وأجمعت الأمَّة على كفره، بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر، كإجماع المسلمين على تكفير فاعل الشرك الأكبر، أو الكفر بآيات اللَّه ورسله، أو بشيء منها، أو كتكفير مَنْ عبد الصالحين ودعاهم مع اللَّه، وجعلهم أَندادا لله يصرفون لهم من العبادة ما لا يستحقه إلا الله ".
وبعد تقرير ما سبق نقول لمن يتهمون أهل السنة بالتكفير:
أولاً: أعطونا مسألة حكم أهل السنة بكفر فاعلها ولا يوجد لديهم دليل ولا برهان من الله أو من رسوله صلى الله عليه وسلم على ذلك؟
ثانياً: موقف الرافضة من مسألة التكفير: تكفيرهم العام لجميع الأمة: بلغ الأمر بشيخهم نعمة الله الجزائري أن يعلن انفصال الشيعة عن المسلمين بسبب قضية الإمامة فيقول: "لم نجتمع معهم على إله ولا نبي ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: إن ربهم هو الذي كان محمد صلى الله عليه وسلم نبيه، وخليفته بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول إن الرب الذي خليفته نبيه أبو بكر ليس ربنا ولا ذلك النبي نبينا" [الأنوار النعمانية: 2/279].
- تكفيرهم الصحابة رضوان الله عليهم: القول بردة جميع الصحابة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم ما عدا ثلاثة المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي انظر [أصول الكافي، 2/244، وانظر: رجال الكشّي: ص7، بحار الأنوار: 22/345]، وحتى الثلاثة لم يسلموا من تكفير الروافض انظر [رجال الكشي: ص11].
وتستمر سلسلة التكفير عند الشيعة، فكما كفروا جماهير الصحابة بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كفروا جماهير المسلمين بعد موت الإمام الحسين؛ ففي [رجال الكشي: ص123، أصول الكافي: 2/380]، جاء النص الآتي: "ارتد الناس بعد قتل الحسين إلا ثلاثة: أبو خالد الكابلي، ويحيى أم الطويل، وجبير بن مطعم"؛ فهل صحابة محمد صلى الله عليه وسلم يستحقون أن يكفروا؟ وهل تكفيرهم يتوافق مع نصوص القرآن والسنة أم يخالفهما؟
- تكفيرهم أهل البيت: ومن ذلك موقفهم من الإمام الحسن عليه السلام بسبب سخطها عليه لمصالحة معاوية حتى خاطبه بعض الشيعة بقولهم: "يا مذل المؤمنين" [انظر: رجال الكشي: ص111].
- تكفيرهم للصحابي عبد الله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، انظر[أصول الكافي: 1/247، ورجال الكشي: ص53].
- رميهم من برأها الله من سبع سماوات؛ عائشة الصديقة بنت الصديق بالفاحشة، (تفسير القمي): تحت تفسيره لقول الله تعالى:﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا﴾ [التّحريم، آية10].
- طعنهم في الإمام زيد بن علي عليه السلام وتشويه صورته واتهامه بأنه كان يشرب المسكر (رجال الكشي)، كما كفروا أتباعه من الزيدية [انظر بحار الأنوار - لعلامتهم المجلسي ج 37 ص 34].
فهل من ذكرنا من آل البيت يستحقون أن يكفروا؟ وهل تكفيرهم يتوافق مع نصوص القرآن والسنة أم يخالفهما؟
– تكفيرهم خلفاء المسلمين وحكوماتهم من بعد الرسول إلى الآن ما عدا عليًا والحسن: يقول شيخهم المجلسي عن الخلفاء الراشدين: "إنهم لم يكونوا إلا غاصبين جائرين مرتدين عن الدين، لعنة الله عليهم وعلى من اتبعهم في ظلم أهل البيت من الأولين والآخرين" [بحار الأنوار: 4/385]، وفي وسائل الشيعة: "ومن لم يبرأ من أبي بكر وعمر وعثمان فهو عدو وإن أحب عليًا" [انظر: وسائل الشيعة: 5/389].
وعلى هذا المنوال، جاء حكم الحوثي رافضي اليمن في ملزمة في ظلال دعاء مكارم الأخلاق - الدرس الثاني؛ فهل خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن لحقهم كعمر بن عبد العزيز ونور الدين زنكي، و......و.... وغيرهم ممن حكموا المسلمين إلى يومنا هذا يستحقون أن يكفروا؟ وهل تكفيرهم يتوافق مع نصوص القرآن والسنة أم يخالفهما؟
- تكفير الأمصار الإسلامية وشعوبها: تكفير أهل مكة والمدينة "أهل الشّام شرّ من أهل الرّوم (يعني شرّ من النّصارى)، وأهل المدينة شرّ من أهل مكّة، وأهل مكّة يكفرون بالله جهرة" [أصول الكافي: 2/409].
– تكفير أهل مصر: "بئس البلاد مصر! أما إنها سجن من سخط الله عليه من بني إسرائيل" [تفسير العياشي: 1/305، بحار الأنوار:60/210، البرهان: 1/457]. "انتحوا مصر لا تطلبوا المكث فيها (لأنه) يورث الدياثة" [بحار الأنوار: 60/211.].
وقد عقب المجلسي على هذه النصوص بقوله: بأن مصر صارت من شر البلاد في تلك الأزمنة؛ لأن أهلها صاروا من أشقى الناس وأكفرهم [انظر: بحار الأنوار: 5/208.]؛ فهل شعب الشام وشعب مصر، وسكان مكة والمدينة يستحقون أن يكفّروا؟ وهل تكفيرهم يتوافق مع نصوص القرآن والسنة أم يخالفهما؟
أخيراً: وقبل أن تصدروا حكمكم آمل قراءة ما يأتي:
اعلموا أنني وإياكم وجميع أمة محمد من الرجال والنساء والأنس والجن في هذا الزمان أو ما قبله من الأزمان إلى عهد محمد صلى الله عليه وسلم، جميعنا كفار في منهج الرافضة، ما دام أننا نتولى أبا بكر وعمر وكافة الصحابة، ومادام أننا لا نؤمن بنظرية الولاية والإمامة كما يقررها الرافضة، هذا حكمهم فينا، شئنا أم أبينا!!
وهنا أتوقف لأترك المجال لكل قارئ كريم أن يدلوا بدلوه، ويشاركنا رأيه، ويجيب عن السؤال بتجرد ومصداقية: أي الفريقين تنطبق عليه التكفير؟!

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
Top