دعوة للتأمل.. يا الله أم يا حسين؟!
قال جل وعلا: ﴿إنَّ
اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن
يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً﴾ [النساء:48]، وقال عز وجل: ﴿إِنَّ
اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن
يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾ [النساء:116]، وقال ربنا جلا شأنه: ﴿إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ﴾ [المائدة:72].
يتبين لنا من هذه الآيات:
1- أن الله عز وجل لا يغفر لمن يشرك بالله شيئاً.
2- أعظم معصية يرتكبها العبد هي أن يشرك بالله شيئاً.
3- حرم الله على المشرك دخول الجنة ومأواه جهنم!!
4- من أشرك به شيئاً:
أ- فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً.
ب- فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً.
ولا أظن أن يوجد مسلم يخالفني في أنه من الشرك: صرف أي نوع من أنواع " العبادة " لغير الله عز وجل.
ولكن هل الدعاء عبادة؟!
بمعنى آخر: هل الذي يدعو غير الله عز وجل كمن عبد غير الله؟!
دعونا أيها الأحبة أن نلقي نظرة متأمل في كتاب الله عز وجل، وما يتوفر في مصادر الشيعة بهذا الخصوص.
قال تعالى: ﴿وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ
عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [النمل:87]، وقال عز وجل: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ
وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ
بِدُعَاء رَبِّي شَقِيّاً فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن
دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا
نَبِيّاً﴾ [مريم:48-49]، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الدعاء مخُّ العبادة، ولا يهلك مع الدعاء أحد" [بحار الاَنوار 93/ 300]، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أفضل العبادة الدعاء" [عدة الداعي: 35]، قال الإمام أبو جعفر عليه السلام: "إن أفضل العبادة الدعاء" [الكافي 2/338]، قال الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الدعاء هو العبادة" [الكافي 2/339].
من هنا يتضح لنا جميعاً - ولله الحمد والمنة - أن الدعاء عبادة!
فمن دعا (عبد) غير الله عز وجل فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّار؛ لأنه أشرك بالله شيئاً!
دعونا نطرح مثالاً واقعياً على ما أشرنا إليه:
روى المفضل بن
عمر عن الإمام الصادق عليه السّلام: "إذا كانت لك حاجة الى اللّه، وضقت بها
ذرعـًا، فـصلّ ركعتين، فإذا سلّمت كبّر اللّه ثلاثًا، وسبّح تسبيح فاطمة
سلام اللّه عليها، ثـمّ اسـجـد وقـل مـائة مـرّة: يـا مـولاتـي فـاطـمـة
أغـيـثـيـنـي. ثـمّ ضـع خدّك الأيمن على الارض، وقـل مـثـل ذلك، ثـمّ عـد
الى السـجـود وقـل ذلك مائة مرّة وعشر مرّات، واذكر حاجتك، فإنّ اللّه
يقضيها" [بحار الأنوار جزء 99 - ومصادر أخرى].
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأعراف:194].
ومن حقنا أن نتساءل عن صحة هذه الرواية؟
قال الإمام الخوئي: "والنتيجة أن المفضل بن عمر جليل، ثقة، والله العالم" [معجم رجال الحديث جزء 19].
هل تعلمون ماذا تسمى هذه الصلاة؟! هل تسمى صلاة الاستغاثة بالله عز وجل.. الخالق.. الرازق؟! لا!! تسمى "صلاة الاستغاثة بالزهراء"!! [مفاتيح الجنان للقمي]، والأمثلة على ذلك كثيرة من واقع وكتب الشيعة!!
هل تعلمون أيها الأحبة من كان يدعو "المشركون الأوائل" في حالة الضيق؟!، قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا
رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ [العنكبوت:65]، وأما هنا في هذا الحديث نجد في حالة الضيق دعاء (عبادة) سيدتنا فاطمة رضي الله عنها!!
قال ربنا عز وجل: ﴿وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ
إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ
يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة:186]، ﴿وَقَالَ
رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ
عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غافر:60]، وقال ربنا عن خير البشرية صلوات ربي وسلامه عليه: ﴿قُلْ
إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً]، فهذا خير البشرية لا
يملك لنا الضر والنفع.، فكيف بمن سواه!؟ ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ
عَبْدَهُ﴾، فلمَ نتجه إلى غيره!؟
قد يقول قائل: إن هذا توسل وليس دعاء، والتوسل بـ: "يا علي" جائز!!
نقول له: أولاً:
هذه الصيغة هي صيغة شركية بحتة، ولا تدخل في التوسل الممنوع ولا الجائز،
فصيغة التوسل تختلف لأنها: (اللهم إن أسألك بحق فلان)، أما هذا فهو دعاء
مباشر لغير الله تعالى!
ثانياً: ما
الفائدة إذاً بقولكم أثناء الدعاء "يا علي"، إن كان "يا محمد" جائز أيضاً؛
لأن قدر النبي صلى الله عليه وسلم ومنزلته عند الله أعلى وأجل بدون جدال؟!
إما أنكم:
1- تعتقدون أنه لا فضل للنبي صلى الله عليه وسلم على علي رضي الله عنه. وهذا (كفر)!!
2- تطلبون الوساطة (بزعمكم) ممن هو أقل قدراً. وهذا (تعطيل لنعمة التفكر)!!
3- تتبعون ما ألفيتم عليه آبائكم من غير إدراك أو تمحيص. وهذا ((هوى))!!
والثلاثة مهلكات نسأل الله السلامة والهداية.
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).